قضية هذا الكتاب الأساسية هى .. موقف صدام حسين من وحدة الأمة العربية ، فهل هو معها أم ضدها؟!! وهو يرى أن صدام حسين ليس إلا نموذج من الذين يقولون شيئاً ويفعلون ضده حيث اعتمد المؤلف على أقوال صدام بالدرجة الأولى وعلى الكتب الموالية له أكثر من اعتماده على الكتب التى تمثل وجهة نظر أخرى.
والكتاب يحتوى على اربعة فصول وخاتمة، ففى الفصل الأول "صدام ووحدة الأمة" يقول الدكتور عبده زايد الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف .. إن حزب البعث انقلب علىالوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وهلل لها وهو الذى تسبب فى حدوث الانفصال بينهما عام 1961 ولهذا فلم يستطع الحزب تحقيق الوحدة فى اى وقت بعد ذلك رغم مناداته المستمرة وإلحاحه الدائم عليها قولا فقط !! بل إن حزب البعث بشقيه فى سوريا والعراق قد انقسم على نفسه حتى إن أيا منهما لا يعترف بصاحبه!!
ويرى المؤلف .. أن البعث فشل منذ بدايته وحتى الآن سواء فى سوريا أو العراق فى تحقيق الوحدة العربية أو فى ترويج بضاعته لدى الأقطار العربية!! والدليل أن صدام حسين قال فى احد الحوارات الصحفية عندما سئل عن فشله فى تحقيق ذلك إننا نطمح إلى وحدة القلوب والعقول بدلاً من ذلك !! ورغم نجاح صدام فى إحداث إتصال متين مع الدول العربية بعد عام 1975 وإنهاء نزاع مع سوريا على نهر الفرات ووصوله إلى اتفاقية الحدود مع السعودية، وإنهاء مشكلة الأكراد إلا أنه استمر فى جهوده الدائمة الطامحة إلى إحداث انقلابات فى الدول العربية وتجنيد العملاء لصالحه!! بأسلوب رخيص يعتمد على الرشاوى والاغتيالات والتصفيات الجسدية.
أما فى الفصل الثانى الذى حمل عنوان "الإعلان القومى" فيورد الدكتور عبده زايد ميثاقاً قدمه صدام حسين للأمة العربية سنة 1978 يدور حول الاعلان القومى بين الدول العربية لكنه تحدث عنه حديثاً فاتراً عندما تطرق إلى الناحية الاقتصادية بين العرب،وختم حديثه بكلام لا يتناسب مع برنامج البعث ولا شعاراته خاصة بعد مرور عشر سنوات على مجيئه للحكم!!.
وتساءل المؤلف عن موقف صدام حسين من القضية الفلسطينية؟ وماذا قدم لها؟ بل وعن موقفه عندما اجتاحت اسرائيل الأراضى اللبنانية؟! وخلص . إلى أن العراق لم يطبق الاعلان القومى المتمثل فى دعم الدول العربية ومساندتها عسكرياً ضد محتليها!! ولم يقدم أى شىء سواء للفلسطينيين أو اللبنانيين أو بقية الشعوب العربية بسبب ميل صدام حسين إلى اطلاق الشعارات البراقة ،وفشله الذريع فى تحقيق ما نادى إليه حتى على أراضى العراق!! ثم تجىء عملية احتلال العراق للكويت، والتى حطم بها العراق الإعلان القومى كله، وقضى على وحدة العرب وتضامنهم ، ومن هنا .. فإن صدام حسين قد مكن النفوذ الأجنبى من التغلغل فى أراضى الخليج بحماقته المعهودة وتصرفاته الرعناء!!.
وفى الفصل الثالث " الوحدة العربية .. من العرج إلى الكساح" يتحدث الدكتور زايد عن عداء العرب لحزب البعث، وأن سبب ذلك يرجع إلى تقديم البعثيين للعروبة على الإسلام وعدم اعتدادهم ه كركيزة من ركائز وحدة العرب لدرجة أن مؤسسه الأول هو ميشيل عفلق كان مسيحيا، لهذا فلا وجه للاستغراب إذا نادى البعثيون واهتموا بالجانب العروبى، واهملوا ركن الإسلام وهو ما فعله صدام حسين ربيب البعث ورضيع المبادىء التى وضعها فى قلبه عفلق!! ومن هنا تخلى صدام ورفاقه عن مناصرة القضية الفلسطينية أو دعمها واهتموا فقط بحرب الشعارات والمزايدات الكلامية المعسولة!! ولهذا فليس غريباً أن يسكت صدام حسين وحزبه بعد تعرضه لضرب مفاعله الذرى عام 1981 فلم يحقق من بياناته الوحدوية القومية أى شىء ولم تظهر قوته المزعومة!!.
وتحت عنوان " صدام والتدخل الأجنبى فى الخليج " يذكر المؤلف أنه رغم أن الميثاق الوطنى الذى أعلنه العراق سنة 1971 والذى ينص فيه على "التصدى الحازم لأية محاولة أجنبية تستهدف اغتصاب أى جزء من أجزاء الوطن العربى أو فرض الهيمنة عليه أو اقتطاعه" فإنه جر المنطقة العربية إلى الحرب .. والى التدخل الأجنبى فيها بقيامه بغزو الكويت، الأمر الذى قضى على القومية العربية وعلى كل شعاراته الخلابة ! لهذا لم يكن مستغرباً أن نؤكد أن هناك صلة وثيقة بين صدام وبين بريطانيا وأمريكا، وأن صداماً أخذ ضوءاً أخضر لدخول الكويت وهو ما أكده قبل ذلك حردان التكريتى عام 1968 عندما كان وزيراً للدفاع فى العراق وقتها بقوله " لو أننى سئلت الآن عن أسباب انقلاب 17 تموز وانقلاب 30 تموز لما ترددت فى الاشارة إلى واشنطن كجواب عن السؤال الأول والى بريطانيا كجواب عن السؤال الثانى !!
ويضيف حردان " وجرت بعد ذلك اتصالات بيننا وبين صدام الذى كان نائباً للرئيس فأخبرنا بضرورة اقامة حوار عاجل مع السفارة الأمريكية، واخبرنا بإجراء حوار مع عفلق بهذا الشأن أى أن واشنطن ولندن كانتا على علم وتدبير بهذين الانقلابين!!.