قضية هذا الكتاب لمؤلفه الدكتور عبده زايد استاذ الأدب والبلاغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر هى الحديث عن طريق الزعامة فى حياة صدام حسين، فمن فهم الزعامة على أنها مغانم وجاه وسلطان وأرصدة فى البنوك وجماجم ودماء وضحايا وتعذيب وتشريد وإذلال للأفواة فإنه يقود أمته إلى الهاوية ومن فهم الزعامة على أنها عبء ومشقة ومسئولية وخدمة وبذل وعطاء فقد سلك طريق النجاة وقاد أمته إلى المجد.
ولقد قسم المؤلف الكتاب إلى أربعة فصول، ففى الفصل الأول تحدث المؤلف عن حزب الله أم حزب البعث" وذكر كيف أن حزب البعث الذى قام على أيدى مؤسسة الأول زكى الأرسوزى النصيرى ثم مؤسسة الثانى ميشيل عفلق النصرانى ويقال إن اصله يهودى بعيد كل البعد عن الإسلام ولذلك فإن أنصاره يرون علماء الدين على أنهم رجعيون متخلفون فى حين أن حزبهم هو البديل – فى نظرهم – للإسلام وما موقف قائد البعث من علماء الإسلام – السنة والشيعة – بمنكور ولذلك يعترف حردان التكريتى وزير الدفاع البعثى الأسبق فى حزب البعث .. انهم أعلنوا الحرب على رجال الدين منذ وصولهم إلى الحكم إنتقاماً منهم لموقفهم ضدهم فى 18 ايلول 1963 ومن هنا فإنهم أعتقلوا فى يوم واحد خمسة من كبار رجال الدين واتهموهم بالعمالة والتجسس ولقد أمكن إحصاء حالات إعدام العلماء بالاسم والتاريخ بلغت ثمانية وأربعين عالماً من علماء الإسلام أغلبيتها فى الفترة الواقعة بين عامى 1979 ، 1983 فقط وهى فترة حكم صدام الطاغية كما إنه اغلق عشرات من المساجد فى النجف وبغداد وذى قار والبصرة!!.
وفى كتاب صدام حسين "نظرة فى الدين والتراث" يتساءل لابد من إبعاد إستخدام المسألة كوسيلة – من وسائل الرجعية والأعداء حتى لا تلصق بحزب البعث إذن فالمطلوب من البعثيين أن يكونوا ضد تسييس الدين كما يقول صدام حسين وينتهى إلى أن حزب البعث .. ليس حيادياً بين الإيمان والإلحاد كما أنه ليس عقيدة دينية جديدة وإنما هو عقيدة دنيوية جديدة!
ثم إن العقيدة فى نظر صدام حسين هى للبعث فقط فهو القائل "خلاص الأمة العربية لا يكون إلا بمبادىء البعث ، ولا يمكن لأحد أن يحقق حلم تحقيق أمجاد الأوائل من دون حزب البعث".
ويؤكد الدكتور زايد .. أن صدام خدع العرب والمسلمين فى المؤتمر الإسلامى الذى عقده عام 1990 عندما وزع عليهم بياناً من مؤتمر الأيباك الأمريكى والذى يرى أن صدام يستطيع أن يحرق نصف إسرائيل . وهذا كلام لا أساس له من الصحة أو الواقع، لأنه أصبح معلوماً للكافة مدى التعاون السرى والعلنى بين صدام حسين وبين إسرائيل وبعد نشر مذكرات حردان التكريتى وعدد من التقارير الصحفية
أما الفصل الثانى "نظرة صدام إلى العهود والمواثيق" فيؤكد أن صداماً ضرب بقوانين الأمم المتحدة عرض الحائط وكيف يتفق أن ينادى صدام بالحق والعدل والالتزام والخلق ثم ينقض كل عهد رضيه العراق وقبله ؟ وكيف ينادى صدام بالجهاد المقدس تحت راية الإسلام ضد الوجود الأجنبى وهو لا يلتزم بشىء مما أمر به الإسلام . ولقد صدق العراق عام 1971 فى ظل حكومة البعث على الميثاق الدولى للحقوق المدنية والسياسية وأصبح بكل ما جاء فى هذا الميثاق واجباً فهل وفى نظام البعث وصدام حسين بما ألزم نفسه به حينما وقع على هذا الميثاق؟ هذا ما لم يحدث على الإطلاق!
وبالنسبة لموضوع البعث ومشكلة الأكراد .. فنجد أن حزب البعث وضع بياناً عام 1970 بشأن تسوية القضية الكردية لكن نظام صدام حسين لم يلتزم بذلك أما مأساة حليجة التى وصلت إلى ذروتها عام 1988 عندما ضرب صدام المنطقة بصواريخ فروك (7 طن) وقصفها بالمواد الكيماوية مما تسبب فى استشهاد 5540 مواطناً ولم يجرؤ أحد على الكتابة عنها أو دفنها حتى تعفنت الجثث واسودت أما الجرحى فكانوا 25 ألفاً مات منهم ستة ألاف أما الباقون فقد فروا إلى إيران ليلحقوا بمن سبقهم من الأكراد وليصل عدد الأكراد الفارين إلى 270 ألف مهاجر منذ عام 1974 !
كل هذا حدث وتم فى عهد صدام وبلا حياء أو خجل بل على العكس كان يجهر بظلمه وسفكه للدماء الكردية نهاراً ثم ينادى بعد ذلك بانه حامى العروبة والإسلام!! فكيف يتساوى هذا وذاك!! كما لم يلتزم صدام باتفاقية الجزائر مع إيران التى وقعها بنفسه ولم يكن فى نيته الالتزام بها على الرغم ما نصت عليه المادة الرابعة من أن هذه المعاهدة وملحقاتها هى أحكام نهائية ودائمة وغير قابلة للخرق.
بينما يتحدث المؤلف فى الفصل الثالث عن " صدام الاسم والدلالة" من خلال كشفه لمعانى صدم وَصَّدام وصدام فى المعجم العربى ليصل إلى أن من معانيها .. الضرب بعنف وشدة، حيث تتصادم الأشياء الصلبة والصُّدام .. داء يأخذ فى رؤوس الدواب ، ويذهب الدكتور زايد إلى أن اسم صدام .. اسم عربى حديث لا يعرف إن كان قد سمى به أحد فى القديم أم لا وفيه صيغة مبالغة !! كما لا يرى المؤلف أن عم صدام .. حسن المجيد كان لا يعى كل هذه المعانى عندما اطلق عليه هذا الاسم بعدما فقد اباه وهو فى بطن أمه !! بل كان يعى كل هذا لأنه عمل فى الجيش الإنجليزى علاوة على إنه كان فظاً خشناً فى تعامله مع صدام وكان دائم الضرب له ومن هنا ولَّد ذلك فى نفس صدام الخشونة والقسوة والدموية ولهذا فليس غريباً .. أن نجده يرتكب أول جريمة قتل فى حياتة وهو فى الرابعة عشر من عمره!! كما إنه شارك مع بعثيين آخرين فى اغتيال عبد الكريم قاسم لكن المحاولة فشلت واصيب صدام وفر إلى مصر كلاجىء سياسى!
وعن علاقة صدام والبعث .. يقول المؤلف: إن صدام سئل عن علاقته برفاقه فى البعث فقال : إن مبادئنا وعملنا الثورى يفترض أن يكون كل واحد منا مهيأ لأن يسفح دمه ويختلط بدم رفيقة !! ومن الطبيعى أن من يهيىء نفسه لأن يسفح دمه يكون لعى أتم يقظة وإستعداد لسفح دماء الآخرين الذين يظن أو يشك فى أنهم يريدون أن يسفحوا دمه.
وعن صلة صدام بقومة .. يقول المؤلف.. إن قبل 1968 كان صدام يقتل خفية أما بعد وصول البعث للسلطة فكان يقتل ويسفك بيده ، والدليل أنه قتل حردان التكريتى قريبه ووزير الدفاع فى أيام البعث حتى بعد أن اختلفا وفر خارج العراق لكنه لم يستطع أن ينجى من مسدس صدام ! كما قتل صدام 300 من قادة الجيش العراقى الذين تذمروا على البعث!!.
ولا ننسى أن صدام حسين قضى على أغلب الأكراد ومنهم ستين ألف قتيل منهم ستة عشر الفاً من العسكريين دفعة واحدة !
ثم كان الفصل الأخير من صدمات صدام وهى غزو الكويت وإحتلاله عام 1990 حيث قضى على الوحدة العربية والقومية العربية بفعلته السوداء هذه بعد أن أخذ ضوءاً أخضر من أمريكا نظراً لأنه عميل لأمريكا فى المنطقة يعمل على تحقيق مصالحها ورعايتها!
ووصل المؤلف إلى أن حكم صدام على العراق كان مأساة وجريمة محقت كل شىء فى العراق وقضى على خيرات بلاده وحولها إلى دمار وحروب خاسرة وقضى على مقدرات بلادة وشعبة لتحقيق زعامات واهية انكسرت فى خضم الأحداث خاصة مع الغرب وإسرائيل!